اعلاميات الساحات العربية
ندى البليهي – مها الرميح – مها الشمري – مضاوي الشايقي
قال الشاعر :
جئنا إلى الحوراء وهي محطة فيها الأراك نزاهة للرائي
ناديت خلي قف بها متأملا وانظر لرمل مغمر بالماء
واغنم زماناً مقبلا بسعوده فيه اجتماع الشمل بالحوراء
بدعوة كريمة من محافظة أملج تم تلبيتها من قبل فريق سعودية التراث .
وذلك في يوم الاربعاء الموافق 30/ 10/ 1440 هـ حيث كان في الاستقبال أعيان ومسؤوليين في المحافظة .
حيث عقد اجتماع تعريفي بالمحافظة والمشاريع القائمة عليها من قبل مكتب وزارة البلدية والجهة المسؤولة عن تطويرها .
تقع محافظة أملج على ساحل البحر الأحمر غرب المملكة العربية السعودية وهي تابعة لمنطقة تبوك الإدارية , تبعد 500 كم جنوب غرب منطقة تبوك ، 120 كم شمال ينبع الصناعية . ويرتبط عدد كبير من إمارات القرى والهجر إدارياً بمحافظة أملج ومن الإمارات التابعة لها :
الشبحة تبعد حوالي 90 كم
الشدخ تبعد حوالي 65 كم
الحرة تبعد حوالي 25 كم
العنبجة تبعد حوالي 120 كم
ترجع أهمية المدينة إلى ميناءها التاريخي على البحر الأحمر ، وقد اشتهرت بالتجارة الخارجية مع الموانئ الأخرى التي تقع على البحر الأحمر ، بالإضافة إلى شهرتها بصيد السمك وصناعة القوارب في الماضي ، وقد كانت تسمى بالحوراء وهي أهم منازل الحج على طريق الحاج المصري منذ القدم .
حظي الساحل الحجازي بعناية الدارسين والباحثين والرحالة على مر العصور , وذلك لما له من الأهمية الدينية والاقتصادية والجغرافية ، ونظرة متفحصة إلى كتب التراث والتاريخ والجغرافيا تؤكد لنا هذه الحقيقة.
أهمية أم لج ترجع إلى العصور القديمة ، ولقد ارتبط موقعها بدول عديدة ، ولقد كانت أم لج ( الحوراء )إحدى المدن الرئيسية في درب الحاج المصري ومركزاً تجارياً يربط بين الحجاز ومصر ، ومن أشهر الطرق التي عرفت عبر التاريخ هي الطرق التي امتدت من الشمال إلى الجنوب عبر الجزيرة العربية ، وقد استخدمت هذه الطرق للتجارة والحج ، ومن أشهر هذه الطرق طريقا الحج المصري والشامي اللذان يمران عبر المنطقة الغربية من الجزيرة العربية .
لم تكن أم لج منعزلة عن العالم الاسلامي ، وهذا بفضل الأعداد الكبيرة من الحجاج الذين كانوا يمرون بها ويتزودون من أسواقها في كل سنة ، بالإضافة إلى أهمية طريقان رئيسيان من طرق التجارة العالمية ، والتي كانت تعرف بتجارة الشتاء والصيف ، وهما الطريقان البري والبحري الموازيان لشاطئ الحجاز اللذان يصلان جنوب الجزيرة العربية بالأقطار الواقعة في شمالها ، وقد كان للمدينة أيضاً أهمية من الناحية العسكرية .
أملج اشتهرت بالحوراء في كتب رحلات الحج ، وقد تم أطلاق اسم أملج بديلاً عن الحوراء في القرن الرابع عشر الهجري ، ومن المحتمل أن يكون اسم المدينة قد اشتق من الفعل ( لج ) واللجاج يعني ارتفاع الأصوات وكلمة (لجة) تعني الماء العميق .
أما بالنسبة لمسمى الحوراء فالتسمية مشتقة من الحور ، وهو شدة السواد مع البياض في العين وهنا كناية عن الجمال .
بعد الترحيب والاستقبال الذي حمله أعيان ومسؤولين أملج البهية ، والذي فاض بالكرم والحفاوة تم اصطحاب الفريق إلى كورنيش الدقم .
كورنيش الدقم : يقع على امتداد شارع الكورنيش وهو مؤشر سياحي يبشر بنهضة سياحية راقية بإذن الله تعالى في المحافظة. وكان على مسار البرنامج الذي ابهرنا برؤية آية من آيات الله في خلقه وبالتحديد في مملكتنا الحبيبة حفظها الله وجعلها آمنه مطمئنة وسائر بلاد المسلمين .
يعتبر الكورنيش أطول كورنيش في محافظات منطقة تبوك وبطول أكثر من 30 كم من الحرة الشمالية ، ويمر بمرفأ الحرة الذي ينزل منه الصيادين والمتنزهين إلى البحر لمشاهدة الشعاب المرجانية ، والجزر المتنوعة في أحجامها ، وتضاريسها ، ومنتزه النصبة مروراً بالدقم والمحافظة إلى الكورنيش الجنوبي .
وهنا نوجه رسالةً لكل المتنزهين سواءً من محافظة أملج البهية أو خارجها ، بالاهتمام بهذه الطبيعة ، التي حباها الله بهذا الجمال والمحافظة أولاً وأخيراً على نظافتها .
توجه الفريق إلى المعالم الأثرية في المحافظة بداية بـ المنطقة التاريخية .
المنطقة التاريخية : تحتوي على المباني القديمة والسوق الشعبي ومسجد أبو جبل ، ومكتب وزارة المالية القديم ، والسوق التراثي الشعبي .
القلعة : وهي قصر الأمارة القديم وبني حوالي 1358 هـ من الحجر المنقبي ، الذي كان يجلب بالسفن ، وأقيمت هذه القلعة على أنقاض ، قلعة عثمانية بنيت في أواخر العهد العثماني ، ودمرت هذه القلعة ، بفعل ضربة بحرية من سفينة انجليزية أبان الثورة العربية سنة 1917 م.
بئر الوحيدي : وهو من أقدم الآبار التي كانت تعتمد عليها المحافظة في السقيا ، ويقع شرق المدينة 10 كم ، ويعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر هجري ، واختلفت الرواة في من حفره فرواية تقول ، أن الذي حفره حاج تقطعت به السبل ، وفاتته فريضة الحج فحفر بئراً بالمبلغ الذي كان معه ، وارجح رواية لوجود عائلة عريقة في فلسطين باسم الوحيدي ، وما يزال يمد المحافظة بمائها العذب .
وهناك العديد من المواقع الأثرية في المحافظة والتي تنتظر الاهتمام من الجهات المسؤولة التي من دورها وجانبها المحافظة على هذا الكنز الأثري الجميل لتنهض سياحياً ، وتصبح مزاراً عالمياً جميلاً على شواطئها الزرقاء المتموجة ، كقصر البنت ، أم رحى ، بئر نبط ، النقوش الثمودية ، آبار سمنة ، الحوراء ، العمارة ، الزاوية .
وكما نقول دائماً أن الحاضر هو امتداد للماضي الذي بناه أجدادنا وسيتوارثه أحفادنا من بعدنا ، عرج الفريق على الأماكن والمعالم السياحية في المحافظة بداية بـ منتزه الدقم السياحي .
منتزه الدقم السياحي : يمتاز بالنخيل الوارفة على شاطئ البحر بشكل طبيعي تتخللها مسطحات خضراء ، زرعتها وزارة البلدية مشكورةً ، مزودة بمساحة خاصة لألعاب الأطفال .
الحدائق : حديقة الأمير فهد بن سلطان الواقعة عرب المنطقة التاريخية ، وحديقة الاحتفالات العامة ، والتي يجري حالياً ترميمها بشكل عصري وحضاري ، كذلك حديقة الشاطئ الجنوبي بين التحلية ومنتجع الأصداف ومنتزه الأمير سلطان .
المطل : وهو أعلى الجبل الواقع شرق حرس الحدود ويستطيع المشاهد من خلاله التقاط أفضل الصور وقت الغروب ويشاهد أملج بشكل خلاب .
مركز الشبعان : يقع جنوب المحافظة على بعد 30كم ،وهو عبارة عن رأس من اليابسة ممتد إلى داخل البحر بحوالي 10 كم، وفيه الشواطئ الناعمة والجلوف المرتفعة ، وترى فيه ألوان البحر المتعددة التي يندر مشاهدتها في أي مكان .
والمركز عبارة عن تجمع سكني على البحر ويوجد به مرفأ للصيادين ، وقوارب نزهة تأخذ المتنزهين إلى رحلة بحرية ومشاهدة الجزر القريبة من المركز.
تمتاز شواطئ محافظة أملج بجمال يأسر باصرها ، وطيور النورس تتغنى فوقها ، والنخيل تتمايل على لجلجت أمواجها ، سبحان من أبدع فصور خالقها .
الشواطئ عديدة منها الحسي كما قال الشاعر محمد المشاط في وصفها :
يا ليالي الحسي آنستي البطاحا ولدى لقياك داويت الجراحا
وأيضاً الحرة ، العرينية ، الشوراء ، راطية ، الجزر ، الشبحة ، الفراشة ، الحايل ، الكثبان الرملية ، الفوايده ، أطاويل ، شيباره .
فكما نجحت أملج البهية في سحر شواطئها الخلابة لزوارها ، نجحت أيضاً في مجال الزراعة ، فأصبحت شجرة المانجو من أشهر منتجاتها الزراعية بجانب الرطب وأشهر أنواعها يسمى بـ ( البيض ) وهو نوعان وعدد كبير من الأنواع ، تختلف في المسميات كاختلاف مذاقها وجودتها ، كذلك زراعة الجوافة والليمون والطماطم وأنواع مختلفة من الخضروات .
الصيد في شواطئ أملج البهية :
فطبيعة أملج الساحلية جعلت من هذه المهنة مصدر عيش لسكان أملج ، وبعدسة سعودية التراث توجه الفريق إلى سوق السمك المركزي ( البنقلة ) للتعرف على الثروة السمكية .
يتم إقامة مزاد علني بشكل يومي على أنواع الأسماك المختلفة التي يجلبها ، الصيادين ، من بحر أملج وتتراوح كميات الأسماك ، التي يتم جمعها من مراكز الانزال السمكي ، بمتوسط 12طن ، تتقلص هذه الكمية في الشتاء ، وتتفاوت في الأوقات الأخرى حسب المواسم المختلفة ، وأوقات المنع والسماح في الصيد تؤثر على ذلك .
ومن أشهر الأسماك الناجل ، الفارس ، الشعور ، الضيراك ، السيركيس ، الشريف ، ابو قرن البياض ، الكشر ، العربي ، القرش ، السيجان ، الطراوي ، الفراك ، السحل ، القاص ، الحبر ، الكشر ، الصليخ ، العنبر ، دجاجة البحر ، الدرم ، الشاقة ، أبو جلمبو ( الاستكوزا ) وغيرها من الأنواع المتنوعة ، ويمتاز سمك أملج بمذاق مختلف عن جميع الأسماك في المملكة بسبب أرخبيل الجزر في البحر والشعاب المرجانية المنتشرة في البحر .
ويعتبر السمك المجفف من أحسن المأكولات ، المخلوطة مع المكسرات ، ومازالت أكلة مفضلة ، لدى سكان المدن الساحلية مثل ينبع والوجه وضباء ، خاصة في فصل الصيف ، ويؤكل مع الرطب .
وكانت القوارب الشراعية ، والسفن ( السمبوك ) هي الرائجة لمهنة الصيد في السابق ، أما الآن تستخدم القوارب المخصصة للصيد .
وللمتاحف الخاصة نصيب من هذه الزيارة فبتنسيق مسبق تم زيارة :-
ديوانية المناخة التراثية :
انشأت بجهود ذاتية من قبل مالكها اللواء الدكتور مساعد سلامه الفايدي – رحمه الله في عام 1436 هـ إهداءً منه إلى أبناء وزوار محافظة أملج وإشباعاً لهوايته في جمع الآثار وتوثيق تاريخ الأباء والأجداد .
تقع الديوانية على طريق الملك فهد وتبلغ مساحتها 8000 متر مربع .
سميت بهذا الاسم لأنها تقع في مناخة قوافل الحجاج القادمة من الشام وشمال افريقيا قديماً والتي كانت تتوقف للراحة والتزويد من ماء العين .
تحتوي الديوانية على قاعة استقبال تتسع لأكثر من 500 شخص ، ومتحفين بقاعتين ، الأولى مغلقة ، وتحتوي على خمسة أقسام ، قسم الآثار ، قسم التراثيات والمكتبة التاريخية ، قسم الملابس والمفروشات القديمة ، قسم موروث أملج الشعبي ، قسم شهادات مالك المتحف والهدايا التذكارية وصور وسيارات قديمة .
القاعة الثانية مفتوحة ، وتحتوي على بيت أملج الحجري ، القصر ، المجلس الشعبي ، الجلسة الحجازية ، ركن القوارب الشراعية ، مبنى الوكالة القديم .
متحف تاريخ أملج :
لمالكه الأستاذ عبد الحميد الجهني ، حيث تم افتتاح هذا المتحف على شرف حضور فريق سعودية التراث ، وهو متحف مهتم بتاريخ أملج ، وخاصة المباني والآثار القديمة ، والنقوش الثمودية .
يتكون المتحف من عدة أقسام ، القسم البحري ، قسم انطلاق الحضارات لكل الناس ، قسم الآثار في أملج التي تتميز بها ، وصور متنوعة لأملج وبعض الأماكن والأحداث التي ورد ذكرها في كتب الحديث في أملج لتوثيقها وتسجيلها باسم أملج .
وبحضور افتتاح متحف تاريخ أملج ، اختتم الفريق هذه الزيارة المشرفة ، والتي حظي بها الفريق ولامسها عن قرب من حفاوة وكرم أهالي أملج ، من أعيان ومسؤولين فكل الشكر والتقدير لهم ، والشكر موصول أيضاً لفندق ( وسام الحوراء ) على الاستضافة والاطلالة الجميلة والخلابة لشاطئ البحر .
وللمؤلف الأستاذ مساعد حمزه القوفي مؤلف كتاب ( أملج الحوراء من الألف إلى الياء ) للاستناد على المعلومات التاريخية القيمة التي سيسطرها التاريخ لأجيال قادمة بإذن الله تعالى .